أخبار وطنية كلمات الى المنصف المرزوقي
بعد أن أفرزت الانتخابات التشريعيّة فوز مبدأ التداول على الحكم أولا وفوز نداء تونس ثانيا، آن الأوان لأن تتأكّد من عدّة أشياء، منها انّ شخصك وحزبك كانا في خدمة مشروع سياسي وديني رفضه النّاخبون عندما اختاروا النداء.. وإنّي أطالبك بإدراك حقيقة ما يجري في تونس لأنّ معظم مستشاريك غير قادرين على ذلك وكلّهم يردّدون كلاما غريبا ومتشنّجا لا يتلاءم والطبيعة الوسطية للشعب التونسي وأحسن دليل على ذلك نتائج حزبك التي أثبتت هزيمته وأن شعاركم «الانتصار أو الانتصار» أصبح اضحوكة وحالة يجدر عرضها على طبّ النفس.. وسيتأكّد ذلك لكم بعد الانتخابات الرئاسيّة لأنّ الشعب لم ولن يساند من ينتظر من النهضة ترشيحه للرّئاسيّة ومن قناة الجزيرة دعما اعلاميا!
بالنسبة لمواقفك السياسية كنت أنت شخصيا وكان حزبك من مساندي الانتقام ممّن تسمّونهم أزلام النظام السّابق وفي الوقت نفسه رأيناك تستقبل لجان «حماية» الثورة وأغلبهم من الصعاليك، كما شاهدناك تستقبل الدعاة الدّينيين المتشدّدين وتتحاور معهم، وقد كانت للأمين العام لحزبكم السيد عماد الدايمي مواقف غريبة عندما استقبل المتشدّدين الدّينيين، من ذلك أنّ أحد هؤلاء طالب بختان الفتيات، ثمّ استمعنا الى كلامكم فإذا بكم ـ جميعا ـ تتهجّمون على الأحزاب الديمقراطية متوعّدين إيّاها بالمشانق علما انّك رئيس مؤقت لم يحصل الاّ على 15000 صوت في دائرة نابل، لكنّك توّهمت أنّك رئيس دائم..
لقد أخفقت يا سيدي في أن تكون رئيسا لكلّ التونسيين وفي ان تتعامل مع هذا الشعب باحترام كل مكوّناته! فمشروعك الانتقامي ورفض «الأزلام» رغم إقرارهم بأخطائهم، أجّج النيران والأحقاد وفتح الباب أمام المحاكمات السياسيّة المتشدّدة في المجتمع التونسي!
لقد كنت رجل المشانق السياسية ولم تتحاور الاّ مع من ناصرك في حين رفضت الحوار الوطني وحاولت الاستحواذ على هذه المبادرة لأنّ مستشاريك اقنعوك بأنّك رئيس عظيم وفريد ومنارة القرن الحادي والعشرين.. لقد قال المسرحي «براشت» BRECHT إنّه «مهما علا كرسي العرش فكل الملوك يجلسون على مؤخّراتهم».. Si haut que soit le trôme des rois, tous s’assoient sur leur derrière
لقد أقمت بقصر قرطاج بينما كان على حقوقي مثلك أن يقطن منزلا محترما عوض ان يخصّص لرئاسة الجمهورية 80 مليارا كاملة!
كما يجب تذكيرك بمواقفك من الإعلاميين والإعلام الوطني الذي لو لا صموده لأصبحت تونس مقاطعة أفغانية ودعني أؤكّد لك يا سي منصف انّ ما يحدث اليوم في الحقل الإعلامي أخطر بكثير مما كان يجري في العهد البائد من تمويل مشبوه وثلب وضغوطات على وسائل الإعلام وعداء لكل من لا يمدح الرئيس.. واحسن دليل على ذلك هو الكتاب الأسود عن الإعلام والذي حشرت فيه اسماء لم تثلب المعارضين، أو اسماء معارضين أبرياء من التعامل مع النظام السابق.. ولا فائدة من سرد كل أخطائك السياسية وبعض الشواهد عن غرورك المفرط وكأنّك رئيس تونس الأوحد اليوم وغدا!
أمّا على صعيد العلاقات الدولية فانّ مواقفك من سوريا مخجلة في حين ان مواقفك من بعض الشؤون الداخلية للجزائر والمغرب وليبيا ومصر لا تخدم مصالح تونس ومن غريب الصدف أنّها كانت متطابقة مع الخيارات القطرية السّخيفة والمدمّرة! كما قدمت صورة كاذبة أمام الغرب عن التوافق بين الاسلام والديمقراطية!
لكلّ ذلك أفق من حلمك يا منصف المرزوقي وستتأكّد من صحّة كلامي بعد أيّام معدودة من الانتخابات الرئاسيّة، فأغلب مواقفك لم تساهم في استقرار تونس ولا في الحوار بين الفرقاء، وفضلا عن ذلك فأنت لم تسع الى الاستماع لمن يختلف معك في الرأي..
انّي أحترمك كإنسان لكنّي أختلف معك تماما ـ والحمد لله ـ في تصرّفاتك منذ أن صرت رئيسا مؤقتا، ومرحبا في قصر قرطاج برئيس جديد لكلّ التونسيين.
المنصف بن مراد